(عليّ قبل أن يخلقني) وينفخ فيّ الروح (بأربعين سنة؟ ! ) حين خمَّر طينتي، فكيف يمكنني الامتناع من أكلي للشجرة بعدما قدره عليَّ؟ !
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك:(فحج آدم) وغلب (موسى) بالحجة؛ بأن ألزمه بأن العبد ليس بمستقل بفعله، ولا متمكن من تركه بعد أن قضي عليه من الله تعالى، وما كان كذلك .. لا يحسن اللوم عليه عقلًا، وأما اللوم شرعًا .. فكان منتفيًا بالضرورة؛ إذ ما شُرع لموسى أن يلوم آدم في تلك الحالة، وأيضًا هو في عالم البرزخ، وهو غير عالم التكليف حتى يتوجَّه فيه اللوم شرعًا، وأيضًا لا لوم على تائب، ولذلك ما تعرض لنفيه آدم في الحجة، وعلى هذا لا يرد أن هذه الحجة ناهضة لفاعل ما يشاء؛ لأنه ملومٌ شرعًا بلا ريب. انتهى "سندي".
فإن قلتَ: فعلى هذا يمكن أن يغلب بالحجة كل من يرتكب الكبائر وينتهك المحرمات أن يتخلص من الإلزام بإحالته على التقدير الأزلي.
قلنا: لا، هذا في دار التكليف، فلا يجوز مثل ذلك في نشأة الدنيا؛ لما يلزم عليه من إبطال التكليف فيها، فلا محل هناك للإلزام. انتهى "بذل".
قوله:(قدره الله علي) المراد بالتقدير: الكتابة في اللوح المحفوظ، وفي صحف التوراة وألواحها؛ أي: كتبه على قبل خلقي بأربعين سنة، وكرَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ثلاثًا) أي: ثلاث مرات للتوكيد، قال النووي: هكذا الرواية (فحج آدم موسى) برفع آدم، وهو فاعل في جميع كتب الحديث باتفاق الناقلين والرواة والشراح وأهل الغريب؛ أي: غلبه بالحجة، وظهر عليه بها، ومعنى كلام آدم: إنك يا موسى تعلم أن