للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُمُ اللهُ وَاللهُ يَقُولُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

===

(صحبت عمر) بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، (فلم يزد على ركعتين) حتى توفاه الله، (ثم صحبت عثمان) بن عفان رضي الله عنه في خلافته، (فلم يزد) عثمان (على ركعتين) راتبة.

فكلهم صحبت فلم يزيدوا على ركعتين راتبة (حتى قبضهم الله) تعالى، فبعزة الله وجلاله (والله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ} أيها الناس {فِي رَسُولِ اللَّهِ} صلى الله عليه وسلم {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}) (١) أي: قدوة حسنة في أفعاله وأقواله وسيرته، فلا تخالفوه بفعل ما لم يفعله هو ولا خلفاؤه.

والمعنى: أنهم ما كانوا يتنفلون رواتب الفرائض في السفر لا قبل الفرض ولا بعده، وأما في غير ذلك .. فقد روى جابر وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل في السفر ليلًا ونهارًا، واستشكل ذكر عثمان؛ لأنه كان في آخر أمره يُتم الصلاة، وأُجيب بأنه جاء في حديث ابن عمر في رواية مسلم: (وصدرًا من خلافته)، قال في "المصابيح": وهو الصواب، أو أنه كان يُتم إذا كان نازلًا، وأما إذا كان سائرًا .. فيقصر، قال الزركشي: ولعل ابن عمر أراد في هذه الرواية أيام عثمان في سائر أسفاره في غير منىً؛ لأن إتمامه كان بمنىً، وقد روى عبد الرزاق عن عمر عن الزهري مرسلًا: أن عثمان إنما أتم الصلاة؛ لأنه نوى الإقامة بعد الحج، ورد بأن الإقامة بمكة للمهاجرين أكثر من ثلاث ليال لا تجوز، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في المغازي في الكلام على حديث العلاء بن الحضرمي، وقد سبق أنه إنما فعل ذلك متأولًا جوازها، فأخذ بأحد الجائزين. انتهى "إرشاد الساري".


(١) سورة الأحزاب: (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>