اليمين .. تفاءلوا بالخير، ومنه اشتقت كلمة التيامن، وإن طارت باتجاه الشام .. كان فألًا رديئًا، ومنه اشتقت كلمة التشاؤم، وأصل التيامن: أن أصل العرب من اليمن، وكانت كل الهجرات باتجاه الشمال منه، فما طار صوب الموطن الأصلي .. حصل معه الحب والحنين للموطن، فكان فأل خير، وما طار صوب مناطق الهجرة .. كان فيه إحساس الغربة، فكان الفأل الرديء، ثم نسي الناس أصل هذه الفكرة، وبقيت العادة في عيافة الطير وزجره، والتيامن والتشاؤم وكل هذا منهي عنه؛ لأن فيه الكهانة وادعاء معرفة الغيب وما سيكون ولا يعرف الغيب إلا الله وحده، وقد حرم الإسلام العمل بهذه الأمور؛ لأنها من أبواب السحر. انتهى "كفاية الحاجة".
ومعنى قوله: "ولا طيرة": أي: لا تيامن ولا تشاؤم بمرور الطير في الشرع، فحذف التيامن من باب الاكتفاء.
(ولا هامة) في الشرع؛ أي: لا تشاؤم بنزول الهامة في القرى أو جنب الدار في الليل وصياحها؛ لأنهم يزعمون أن ذلك يدل على موت صاحب القرية أو صاحب الدار، والهامة -بتخفيف الميم وجوز تشديدها-: دابة تظهر في الليل وتختفي في النهار من الطيور، لها جناح كجناح الطيور ووجه كوجه الهرة في الأرميا "أرنغو"، وتقول جاهلية العرب: هي دابة تخرج من رأس القتيل أو تتولد من دمه، فلا تزال تصيح: أنا عطشان حتى يؤخذ بثأره، فإذا أخذ ثأره .. ارتوى هذا الطير وسكت، وقد نفى الإسلام هذه العقائد الباطلة التي هي من عقائد الجاهلية.
(فقام إليه) -صلى الله عليه وسلم- (رجل أعرابي) أي: من الأعراب وهم