لكن لا يسقط به الظهر، كذا قاله الخطابي، ومذهب علمائنا لزوم الحضور للجمعة، ولا يخفى على المتتبع أن أحاديث هذا الباب يقتضي بعضها سقوط الظهر أيضًا لحديث ابن الزبير وهو غير مذكور في الكتاب، وبعضها يقتضي عدم لزوم الحضور للجمعة مع كونه ساكتًا عن لزوم الظهر، والله أعلم. انتهى من "السندي".
قوله:(فمن شاء أن يصلي الجمعة .. فليصل) هذا بيان لقوله: (رخَّص) وإعلام بأنه كان الترخيص بهذا اللفظ، وسيأتي حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال:"قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء .. أجزأه من الجمعة، وإنَّا مجمعون" أخرجه ابن ماجه والحاكم من حديث أبي صالح، وفي إسناده بقية، وصحح الدارقطني وغيره إرساله.
والحديث دليل على أن صلاة الجمعة بعد صلاة العيد تصير رخصة يجوز فعلها وتركها، وهو خاص بمن صلى العيد دون من لم يصلها، وإلى هذا ذهب جماعة إلا في حق الإمام وثلاثة معه، وذهب الشافعي وجماعة إلى أنها تصير رخصة، مستدلين بأن دليل وجوبها عام لجميع الأيام، وما ذكر من الأحاديث والآثار لا يقوى على تخصيصها لما في أسانيدها من المقال.
قال في "السُّبُل": قلت: حديث زيد بن أرقم قد صححه ابن خزيمة، ولم يطعن غيره فيه، فهو يصلح للتخصيص؛ فإنه يخص العام بالآحاد. انتهى، وفي "النيل": حديث زيد بن أرقم أخرجه أيضًا الحاكم وصححه عليُّ بن المديني، وفي إسناده إياس بن أبي رملة وهو مجهول. انتهى، وذهب عطاء إلى أنه يسقط فرضها عن الجميع؛ لظاهر قوله:"ومن شاء أن يصلي .. فليصل" ولفعل ابن الزبير؛ فإنه صلى بهم في يوم عيد صلاة العيد يوم الجمعة، قال: ثم جئنا