قلت: حديث جرير رضي الله تعالى عنه أخرجه أحمد وابن ماجة بلفظ: قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة). انتهى، وإسناده صحيح.
فإن قلت: حديث جرير هذا مخالف لحديث عاصم بن كليب الذي رواه أبو داوود في "سننه" بسند صحيح عنه عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر: أوسِعْ من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه، فلما رجع .. استقبله داعي امرأته، فأجاب ونحن معه، فجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا ... الحديث، رواه أبو داوود والبيهقي في "دلائل النبوة"، هكذا في "المشكاة" في باب المعجزات، فقوله: فلما رجع .. استقبله داعي امرأته ... إلى آخره، نص صريح في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة أهل البيت، واجتمع هو وأصحابه بعد دفنه وأكلوا؛ فإن الضمير المجرور في (امرأته) راجع إلى ذلك الميت الذي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازته، في التوفيق بين هذين الحديثين المختلفين؟
قلت: قد وقع في "المشكاة" لفظ: (داعي امرأته) بإضافة لفظ امرأة إلى الضمير، وهو ليس بصحيح، بل الصحيح:(داعي امرأة) بغير الإضافة، والدليل عليه: أنه قد وقع في "سنن أبي داوود": (داعي امرأة) بغير إضافة إلى الضمير، قال في "عون المعبود": (داعي امرأة) كذا وقع في النسخ الحاضرة، وفي "المشكاة": (داعي امرأته) بالإضافة. انتهى، وروى هذا الحديث الإمام أحمد في "مسنده"(ص ٢٩٣/ج ٥)، وقد وقع فيه أيضًا:(داعي امرأة) بغير إضافة، بل زاد فيه بعد:(داعي امرأة) لفظ: (من قريش)، فلما ثبت أن الصحيح