يضم إليه كف الجوارح عن الجرائم، وأعلاها أن يضم إليهما كف القلب عن الوساوس، وقال بعضهم: معنى: (الصوم لي لا لك) أي: أنا الذي لا ينبغي لي أن أطعم وأشرب، فإذا كان بهذه المثابة، وكان دخولك فيه لأجل كوني شرعته. . فأنا أجزي به، كأنه قال: أنا جزاؤه؛ لأن صفة التنزيه عن الطعام والشراب تطلبني، وقد تلبست بها وليست لك، لكنك اتصفت بها، في حال صومك، فهي تدخلك علي؛ فإن الصبر حبس النفس، وقد حبستها بأمري من الطعام والشراب، فلهذا قال: اللصائم فرحتان: فرحة عند فطره) في الدنيا، وتلك الفرحة لروحه الحيواني لا غير (وفرحة عند لقاء ربه) في الآخرة، وتلك الفرحة لنفسه الناطقة الطبيعية الربانية، فأورثه الصوم لقاء الله؛ وهو المشاهدة. انتهى من "الإرشاد".
(و) عزتي وجلالي (لخلوف فم الصائم) بضم المعجمة واللام على الصحيح المشهور، وضبطه بعضهم بفتح الخاء المعجمة وخطأه الخطابي، وقال في "المجموع": إنه لا يجوز؛ أي: تغير رائحة فم الصائم؛ لخلاء معدته من الطعام. . (أطيب عند الله) تعالى؛ أي: أكثر أجرًا (من ريح المسك) الذي يتطيب به يوم الجمعة عند ذهابه لصلاة الجمعة، وفي لفظ مسلم والنسائي:(أطيب عند الله يوم القيامة)، وقد وقع خلاف بين ابن الصلاح وابن عبد السلام: في أن طيب رائحة الخلوف هل هو في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط؟
فذهب ابن عبد السلام إلى أنه في الآخرة، واستدل برواية مسلم والنسائي هذه، وروى أبو الشيخ بإسناد فيه ضعف عن أنس مرفوعًا: "يخرج الصائمون من قبورهم، يعرفون بريح أفواههم، أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك).