للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ،

===

لحرمته، ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين، ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية عند مسلم: "فتحت أبواب الرحمة".

(وغُلِّقَتْ أبوابُ النارِ) أي: قُفِّلَتْ، قال القاري: غلقت بالتشديد أكثر، قال السندي: غلقت، أي: تبعيدًا للعقاب عن العباد، وهذا يقتضي: أن أبواب النار كانت مفتوحةً، ولا ينافيه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} (١)؛ لجواز أن هناك غلقًا قبل ذلك، وغلق أبواب النار لا ينافي موت الكفرة في رمضان وتعذيبهم بالنار فيه؛ إذ يكفي في عذابهم فتح باب صغير من القبر إلى النار غير الأبواب المعهودة الكِبار، (فلم يفتح منها) أي: من أبواب النار (باب) أصلًا.

(وفتحت أبواب الجنة) تقريبًا للرحمة إلى العباد، وهذا يدل على أن أبواب الجنة كانت مغلقة، ولا ينافيه قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} (٢) إذ ذلك لا يقتضي دوام كونها مفتحة لهم الأبواب (فلم يغلق منها باب)، وأما الرواية التي فيها: (أبواب الرحمة، وأبواب السماء). . فمن تصرف الرواة، والأصل: "أبواب الجنة"؛ بدليل ما يقابله؛ وهو "غُلِّقَتْ أبوابُ النار"، قال الحافظ: وقال القرطبي بعد أن رجح حمله على ظاهره: فإن قيل: كيف نرى الشرور والمعاصي واقعةً في رمضان كثيرًا، فلو صفدت الشياطين. . لم يقع ذلك؟ فالجواب أنها إنما تَقِلُّ عن الصائمين الصومَ الذي حُوفظ على شروطه وروعيت آدابه، أو المصفد بعض الشياطين لا كلهم، أو المراد: تقليل الشرور


(١) سورة الزمر: (٧١).
(٢) سورة ص: (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>