للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ؛ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ".

===

فيه، وهذا أمر محسوس؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره؛ إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ألا يقع شر ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة. انتهى.

(ونادى مناد) قيل: يحتمل أنه ملك، أو المراد: أنه يلقى ذلك في قلوب من يريد الله إقباله على الخير، كذا في "قوت المغتذي": (يا باغي الخير) أي: يا طالب العمل والثواب (أقبل) أي: إلى الله تعالى وطاعته؛ بزيادة الاجتهاد في عبادته، وهو أمر من الإقبال؛ أي: تعال؛ فإن هذا أوانك؛ فإنك تعطى الثواب الجزيل بالعمل القليل، أو معناه: يا طالب الخير المعرض عنا وعن طاعتنا؛ أقبل إلينا وعلى عبادتنا؛ فإن الخير كله تحت قدرتنا وإرادتنا.

(ويا باغي الشر؛ أقصر) -بفتح الهمزة وكسر الصاد- أي: يا مريد المعصية؛ أمسك عن المعاصي وارجع إلى الله تعالى؛ فهذا أوان قبول التوبة، وزمان استعداد المغفرة، ولعل طاعة المطيعين، وتوبة المذنبين، ورجوع المقصرين في رمضان. . من أثر النِداءَيْنِ، ونتيجة إقبال الله تعالى على الطالبين، ولهذا ترى أكثر المسلمين صائمين حتى الصغارَ والجواريَ، بل غالبُهم الذين يتركون الصلاةَ يكونون حينئذ مُصلِّين، مع أن الصوم أصعبُ من الصلاة، وهو يوجب ضعف البدن الذي يقتضي الكسلَ عن العبادة، وكثرةَ النوم عادة، ومع ذلك ترى المساجد معمورة، وبإحياء الليل مغمورة.

(ولله عتقاء من النار) أي: ولله عتقاء كثيرون من النار، فلعلك تكون منهم؛ (وذلك) إشارة إلى النداء السابق، أو إلى أن لله عتقاء (في كل ليلة) أي: في كل ليلة من ليالي رمضان. انتهى "تحفة الأحوذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>