حتى يأتيك الفرج، (فجلس) الرجل عند النبي صلى الله عليه وسلم (فبينما هو) أي: الرجل كائن (كذلك) أي: جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم .. (إذ أتي) النبي صلى الله عليه وسلم بالبناء للمجهول، وإذ بسكون الذال فجائية؛ كإذا؛ أي: فاجأ الرجل إتيان النبي صلى الله عليه وسلم (بمكتل) أي: بزنبيل (يدعى) أي: يسمى ذلك المكتل: (العرق) -بفتحتين- وهو مكيال يسع خمسة عشر صاعًا إلي عشرين، والعرق بفتح الراء لا غير؛ لأنه جمع عرقة؛ وهي الضفيرة من الخوص؛ وهو الزنبيل بكسر الزاي على رواية الطبري، وبفتح الزاي لغيره، وهما صحيحان، وسمي بذلك؛ لأنه يحمل فيه الزبل، ذكره ابن دريد.
قال في "النهاية": هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور .. فهو عرق، وهذا العرق تقديره عندهم خمسة عشر صاعًا، وهو مفسر في الحديث، وقد تقدم أن الصاع أربعة أمداد، فيكون مبلغ أمداد العرق ستين مدًّا، ولهذا قال الجمهور: إن مقدار ما يدفع لكل مسكين من الستين .. مد، وفيه حجة للجمهور على أبي حنيفة والثوري؛ حيث قالا: يجزئ أقل من نصف صاع لكل مسكين.
(فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم: خذ هذا العرق و (اذهب) به (فتصدق به) أي: بما فيه من التمر على المساكين؛ ليكون كفارة لجماعك، ولابن إسحاق:(فتصدق عن نفسك)، واستدل به على أن الكفارة عليه وحده دون الموطوءة؛ إذ لم يؤمر بها إلا هو، مع الحاجة إلى البيان، ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه، فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به