للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مرسل (قال) أبو سعيد: (حتى رأيت أثر الطين في جبهته) صلى الله عليه وسلم، فكانت ليلة القدر من تلك السنة ليلة الحادي والعشرين، والحديث مطول في رواية مسلم، ولكن اختصره ابن ماجه اختصارًا مخلًا.

قوله: "ليلة القدر" -بفتح القاف وسكون الدال- من إضافة الموصوف إلى صفته؛ نظير روح القدس؛ أي: الليلة المقدرة؛ أي: المشرفة المعظمة عند الله تعالى، سميت بذلك، لعظم قدرها؛ أي: ذات القدر العظيم؛ لنزول القرآن فيها من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة، ووصفها بأنها خير من ألف شهر، أو لما يحصل لمحييها بالعبادة من القدر الجسيم، أو لأن الأشياء من الكائنات تقدر فيها وتقضى؛ لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (١) بمعنى: يظهر تقديرها للملائكة؛ بأن يكتب لهم ما قدره في تلك السنة، ويعرفهم إياه، وليس المراد منه: أنه يحدثه في تلك الليلة؛ لأن الله تعالى قدر المقادير، قبل أن يخلق السماوات والأرض في الأزل، فالقدر بمعنى: التقدير؛ وهو جعل الشيء على مقدار مخصوص، ووجه مخصوص، حسبما اقتضت الحكمة البالغة.

قيل للحسين بن الفضل: أليس الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين؟ قال: نعم، قيل له: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سوق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدر.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن الله سبحانه وتعالى يقدر في ليلة القدر ويكتب كل ما يكون في تلك السنة؛ من مطر ورزق وإحياء وإماتة وغيرها إلى مثل هذه الليلة من السنة المقبلة، فيسلمه إلى مدبرات الأمور من الملائكة، فيسلم نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار إلى ميكائيل، ونسخة


(١) سورة الدخان: (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>