للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ .. لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ".

===

قال: ويحتمل أن يريد بالوادي: المذهب؛ كما يقال: فلان في واد وأنا في واد، قيل: أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حسن موافقته إياهم وترجيحهم في ذلك على غيرهم؛ لما شاهد منهم من حسن الوفاء بالعهد وحسن الجوار، وما أراد بذلك وجوب متابعته إياهم؛ فإن متابعته حق على كل مؤمن ومؤمنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المتبوع المطاع، لا التابع المطيع. انتهى "تحفة الأحوذي".

(ولولا الهجرة) أي: ولولا شرف الهجرة وجلالة قدرها عند الله تعالى .. (لكنت امرأً من الأنصار) أي: لعددت نفسي واحدًا منهم؛ لكمال فضلهم ونباهة شرفهم بعد فضل الهجرة وشرفها؛ والمقصود: الإخبار بما لهم من المزية بعد مزية الهجرة، وأنها مزية يرضى بها مثله، وإلا .. فالانتقال لا يتصور سيما الانتساب بالنسب؛ فإنه حرام دينًا أيضًا. انتهى "سندي".

قال الخطابي: أراد بهذا الكلام تألف الأنصار وتطييب قلوبهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدًا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها، ونسبة الإنسان على وجوه: الولادية كالقرشية، والبلادية كالكوفية، والاعتقادية كالسنية، والصناعية كالصيرفية، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد به الانتقال عن نسب آبائه؛ إذ ذاك ممتنع قطعًا، وكيف وأنه أفضل منهم نسبًا وأكرمهم أصلًا؟ ! وأما الاعتقادي .. فلا موضع فيه للانتقال إذ كان دينه ودينهم واحدًا، فلم يبق إلا القسمان الأخيران الجائز فيهما الانتقال، وكانت المدينة دار الأنصار والهجرة إليها أمرًا واجبًا؛ أي: لولا أن النسبة الهجرية ولا يسعني تركها .. لانتقلت عن هذا الاسم إليكم، ولانتسبت إلى داركم.

قال الخطابي: وفيه وجه آخر وهو: أن العرب كانت تعظِّم شأن الخؤولة

<<  <  ج: ص:  >  >>