وقوله صلى الله عليه وسلم:"واضربوا لي معكم سهمًا" مبالغة في تأنيسهم وتطييب قلوبهم وتعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه، وقد فعل صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في حديث العنبر، وفي حديث أبي قتادة في حمار الوحش. انتهى من "الكوكب".
قوله:"وما أدراك أنها رقية" فيه تصريح بأنها رقية، فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام والعاهات. انتهى "نووي".
قال القرطبي: قوله: "أو ما علمت أنها رقية؟ ! " أي: أرقيته بالفاتحة، وأي شيء أعلمك أنها رقية للمريض؟ ! تعجبًا من وقوعه على الرقي بها، ولذلك تبسم النبي صلى الله عليه وسلم عند قوله:"وما أدراك أنها رقية؟ ! " وكأن هذا الرجل الراقي علم أن هذه السورة خصت بأمور؛ منها: أنها فاتحة الكتاب ومبدؤه، وأنها متضمنة لجميع علوم القرآن؛ من حيث إنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله، وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص فيها، والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا بإعانته تعالى، وعلى الابتهال إلى الله تعالى في الهداية إلى الصراط المستقيم وكفاية أحوال الناكثين، وعلى بيان عاقبة الجاحدين.
وقيل: إن موضع الرقية منها إنما هو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(١)، ويظهر لي أن السورة كلها موضع الرقية؛ لما ذكرناه، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"وما أدراك أنها رقية؟ ! " ولم يقل: "إن فيها رقية". انتهى منه.
وقولُه صلى الله عليه وسلم:(خذوا منهم) فيه تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر، وأنها حلال لا كراهة فيها، وكذلك الأجرة على