للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَمِينُ اللهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَآلنَّهَارَ،

===

(عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته؛ رجاله أربعة منهم مدنيون، وواحد كوفي، وواحد واسطي، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يمين الله) سبحانه وتعالى؛ أي: يده اليمنى (ملأى) أي: مملوءة بالأرزاق كثيرة العطاء، والمراد من قوله: "ملأى": لازمه؛ وهو أنه في غاية الغنى، وعنده من الرزق ما لا نهاية له في علم الخلائق، واليمين صفة ثابتة لله تعالى، نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وملأى على زنة فعلى مؤنث ملآن، أنثه لتأنيث اليمين، وهو خبر أول ليمين الله، وخص اليمين بالذكر لأنها مظنة العطاء، وقوله: (لا يغيضها) أي: لا ينقص ما فيها من الخزائن (شيء) من الإعطاء ولو كثر، خبر ثان ليمين الله، يقال: غاض الماء وغاضه الله لازم ومتعد.

وقوله: (سحاء) - بتشديد الحاء والمد- صيغة مبالغة خبر ثالث؛ أي: دائمة الصب والهطل بالعطاء مأخوذ من السح وهو الصب الدائم، يقال: سح يسح بكسر السين وضمها في المضارع؛ إذا أعطى عطاءً كثيرًا كالمطر، ويقال: سح المطر إذا نزل بكثرة، وقوله: (الليل والنهار) بالجر على الإضافة والنصب على الظرفية؛ أي: كثيرة الصب والعطاء في الليل والنهار؛ أي: في جميع الأزمنة، والمراد: عدم الانقطاع لمادة عطاء الله تعالى.

قيل: ما أتم هذه البلاغة وأحسن هذه الاستعارة! فلقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ على معان دقيقة؛ منها: وصف يده تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>