وتسميته في هذا الحديث كرمًا؛ لبيان الجواز، قاله الحافظ في "الفتح"(٤/ ٣٢٢) وهذا على تقدير أن تفسير المزابنة صادر من النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما مرت الإشارة إليه آنفًا، أما على القول بأنه من الصحابي .. فلا حجة على الجواز، ويحمل النهي على الحقيقة. انتهى من "الإرشاد".
والنهي أيضًا عن تسمية العنب كرمًا لتأكيد تحريم الخمر؛ لأن في التسمية به تقريرًا لما كانوا يتوهمونه من تكريم شاربها. انتهى من بعض الهوامش.
قال القرطبي: والمراد من الحديث: أن يكون أحدهما بالكيل والآخر بالجزاف؛ للجهل بالمقدار في الجنس، فيدخله الخطر، وإذا كان هذا ممنوعًا للجهل من جهة واحدة .. فالجهل من جهتين؛ كجزاف بجزاف .. أدخل في المنع وأولى.
وهذا الحديث يشهد للشافعي على تفسيره للمزابنة؛ فإنه ما ذكر في الحديث إلا النخل والعنب، وكلاهما يحرم الربا في نقده، وألحق بهما ما في معناهما.
وأما مالك .. ففهم أن المنع فيهما إنما كان من حيث الغرر اللاحق في الجنس الواحد، فعداه لكل جنس وجد فيه ذلك المعنى، والله تعالى أعلم. انتهى من "المفهم".
وهذا الذي ذكره ابن عمر معنى المزابنة شرعًا، ووزنها مفاعلة، ولا تكون إلا بين اثنين.
وأصلها في اللغة: الدفع الشديد، ومنه وصفت الحرب بالزبون؛ لشدة الدفع فيها، وبه سمي الشرطي زبنًا؛ لأنه يدفع الناس بعنف وشدة، ومنه زبن الناقة الإناء عند الحلب، ولما كان كل من المتبايعين يدفع الآخر في هذه المبايعة عن حقه .. سميت بذلك، هذا معنى المزابنة لغةً.