وعلى هذا؛ فعطف المجرور بعده عليه من عطف الخاص على العام؛ لغرض الاهتمام بالخاص؛ قيل: هو الوجه؛ لئلا يخرج كثير من أنواع الفسق، قيل: حقيقة الخيانة لا يعلمها إلَّا الله تعالي، لكن قد يغلب الظن بها بالأمارات، وهذا يكفي في. رد الشهادة. انتهى منه.
(وَلَا) تصح أيضًا شهادة (محدود) بحد ارتكب سببه (في الإسلام) أي: بعد دخوله في الإسلام؛ كأن زنى أو شرب بعد أن تعلم أن هذه الأمور من محارم الله يحرم ارتكابها، أما ما ارتكب سببه في الجاهلية قبل الإسلام .. فلا يحد به ولا ترد شهادته به؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وإنما ردت شهادته بذلك؛ لما في ارتكابه المحرمات من الاستخفاف بمحرمات الله، فجوزي برد شهادته؛ كما يجب إقامة الحد عليه (وَلَا) تصح أيضًا شهادة (ذي غمر) - بكسر الغين وسكون الميم - وهو الحقد والعداوة في غير الله تعالي، والمعنى: أنه لا تجوز شهادة عدو على عدوه سواء كان أخاه نسبًا أو أجنبيًا، فالمراد بقوله:(على أخيه) أي: مثله، ولا يخص بأخوة الإسلام؛ لئلا يخرج حكم الذمي، ومقتضى كلام "القاموس": أنه بفتحتين، وأن كسر الغين لغة. انتهى منه.
وفي رواية أبي داوود:(لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه).
قوله:(وَلَا زان ولا زانية) المانع من قبول شهادتهما الفسق الصريح.
قوله:(وَلَا ذي غمر على أخيه) فإن قيل: لَمْ قبلتم شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة بينهما؟
قال ابن رسلان: قلنا: العداوة ها هنا دينية، والدين لا يقتضي شهادة الزور، بخلاف الدنيوية، قال: وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور.