وامرأتان، وهو قول الشعبي والنخعي والأوزاعي رحمهم الله تعالى؛ كما في "المغني"، وقول الزهري وعطاء والحكم بن عتبة والليث بن سعد وغيرهم، واستدل أبو حنيفة بقوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}(١)، فالآية توجب بطلان القول بالشاهد واليمين.
واستدل الأئمة الثلاثة والجمهور القائلون باعتبار الشاهد مع اليمين بحديث الباب، وبأن هذا المعنى قد روي عن جمع من الصحابة بطرق كثيرة استوعبها البيهقي في "سننه".
قال القرطبي: ثم أحاديث هذا الباب كلها حجة للجمهور على الكوفيين والأوزاعي والنخعي وابن أبي ليلى والزهري والليث والحكم والشعبي؛ حيث نفوا الحكم بالشاهد واليمين، ونَقَضُوا من حكم به وبَدَّعُوهُ.
وقال الحكم: الشاهد واليمين بدعة، وأول من حكم به معاوية.
قلت: يا للعجب! ولضيعة العلم والأدب، كيف رد هؤلاء القوم هذه الأحاديث مع صحتها وشهرتها، وكيف اجترؤوا على تبديع من عمل بها حتى نقضوا حكمه، واستقصروا علمه، مع أنه قد عمل بذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم؛ أبو بكر وعمر وعلي وأبي بن كعب ومعاوية وشريح وعمر بن عبد العزيز، وكتب به إلى عماله، وإياس بن معاوية وأبو سلمة بن عبد الرَّحمن وأبو الزناد وربيعة، ولذالك قال مالك: إنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة، أتَرَى هؤلاء تُنْتَقَضُ أحكامُهم ويُحْكَمُ ببدعتهِم؟ !