والشافعي ومالك، غير أن الشافعي ومالكًا رحمهما الله تعالى يقولان بجوازها في ضمن المساقاة على شروط وتفاصيل عندهما.
ولا يقول أبو حنيفة بجوازها ولو في ضمن المساقاة؛ لأن المساقاة عنده غير جائزة، واستدل هؤلاء الفقهاء على عدم جواز المزارعة بالأحاديث التي وردت في منعها؛ وهي حديث رافع بن خديج، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وزيد بن ثابت، وثابت بن الضحاك رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وسيأتي متن أكثرها في هذا الباب من الكتاب؛ يعني: من "مسلم".
وأما القائلون بجواز المزارعة .. فاستدلوا بما سيأتي في كتاب المساقاة والمزارعة في "صحيح مسلم" عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع.
وأجاب الشافعية والمالكية رحمهم الله تعالى بأن المزارعة ها هنا كانت في ضمن المساقاة، وهي جائزة عندهم.
وأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى .. فأجاب عن أحاديث المزارعة بخيبر بأنها لم تكن مزارعة، وإنما أقر النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أراضيهم بأن يؤدوا شطر الخارج منها؛ كخراج المقاسمة وللإمام في الأرض الممنون بها على أهلها الخيار؛ إن شاء .. جعل عليها خراج الوظيفة، وإن شاء .. جعل عليها خراج المقاسمة، ولكن هذا التأويل غير سائغ في واقعة خيبر؛ لأن خراج المقاسمة إنما كان يمكن إذا كانت الأرض مملوكة للكفار، وأما إذا كانت للمسلمين .. فلا يجعل فيها الخراج، وكانت أرض خيبر مملوكة للمسلمين، وتدل على هذه روايات كثيرة.