للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وبالجملة: فالقول بجواز المزارعة هو القول المنصور بالأحاديث وتعامل الأمة المتواتر، وأما الأحاديث الواردة في النهي عن المزارعة .. فلا تخلو من أمرين؛ إما هي تتعلق بصورة مخصوصة من المزارعة؛ وهو دفع الأرض بقدر مسمىً غير شائع من الخارج، وإما هي محمولة على الإرشاد والمشورة دون الحرمة، والدليل قائم على كل من التأويلين.

فتبين من الأحاديث الواردة في المزراعة وكراء الأرض أن كلًّا منهما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بصورة مخصوصة؛ وهي أن رب الأرض كان يعين حصة الأرض، فيشترط خارجها لنفسه، ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه غررًا لا يدرى أيخرج منها أو من أرض سواها أو لا، ولا يدرى كم يخرج من كل حصة، وكانوا يطلقون على هذه المعاملة أسماء كراء الأرض والمزارعة والمخابرة والمحاقلة، فوقع النهي عن جميعها مطلقًا، جريًا على عرف ذلك الزمان، ولم تكن هذه الأسماء في أحاديث النهي تشمل كراء الأرض بالنقود ولا المزارعة بحصة شائعة من الخارج.

وأما بعض الأحاديث التي ورد فيها التصريح بالنهي عن المزارعة بالثلث أو الربع .. فمحمول على التنزيه والإرشاد؛ وهي ما أخرجه أبو داوود عن رافع بن خديج قال: كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أن بعض عمومته أتاه، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا، قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض .. فليزرعها، أو ليزرعها أخاه ولا يكارها بثلث ولا ربع ولا طعام مسمىً".

<<  <  ج: ص:  >  >>