ذلك (هو الظن) لا اليقين من الله تعالى، ثم قال:(إن كان) ذلك التلقيح في عادتكم (يغني) وينفع (شيئًا) من الأثمار .. (فاصنعوه) أي: فاصنعوا ذلك التلقيح ولا تتركوه لأجل قولي ذلك، وفي رواية مسلم زيادة:(فإني إنما ظننت) ذلك؛ أي: عدم نفع التلقيح في الأثمار (ظنًّا) يخطئ ويصيب، وقلت ذلك بالرأي والظن لا بالوحي من الله تعالى (فلا تؤاخذوني) أي: لا تلوموني بما قلته بالظن والرأي.
(فإنما أنا بشر مثلكم) في عدم علم الغيب (وإن الظن) الذي قلته لكم من عدم نفع التلقيح شيئًا .. قد (يخطئ) عن الواقع ولا يقع (و) قد (يصيب) أي: يوافق الواقع فيقع (ولكن ما قلت لكم) في مقالتي تلك: (قال الله) ما يغني ذلك شيئًا، (فـ) حينئذ (لن أكذب على الله) أي: فلن أكون كاذبًا على الله بذلك الظن الذي قلته لكم؛ لأني لم أنسبه إلى الله تعالى، والله أعلم.
قال النووي: قال العلماء: ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعاش وظنه فيها كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا الخطأ ولا نقص في ذلك، وسببه تعلق همه بالآخرة ومعارفها. انتهى.
قال القرطبي: قوله: "إنما ظننت ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظن"، وقوله في الرواية الأخرى: "إنما أنا بشر" هذا كله منه صلى الله عليه وسلم اعتذار لمن ضعف عقله؛ مخافة أن يزله الشيطان فيكذِّب النبي صلى الله عليه وسلم فيكفر، وإلا .. فما وقع منه شيء يحتاج فيه إلى اعتذار، غاية ما جرى منه مصلحة دنيوية خاصة بقوم مخصوصين لم يعرفها من لم يباشرها ولا كان من أهلها المباشرين لعملها، وأوضح ما في هذه الألفاظ المعتذر بها في هذه