للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ؛ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ".

===

أي: الغالب عليه العبادة؛ وهو الذي يصرف أوقاته بالنوافل مع كونه عالمًا بما تصح به العبادة .. (كفضل القمر) أي: ليلة البدر، كما في روايةٍ (على سائر الكواكب) والنجوم، قال القاضي: شبه العالم بالقمر والعابد بالكواكب؛ لأن كمال العبادة ونورها لا يتعدى من العابد، ونور العلم يتعدى إلى غيره.

وعبارة السندي: فإن كمال العلم كمال يتعدى آثاره إلى الغير، وكمال العبادة كمال غير متعد آثاره، فشابه الأول بنور القمر، والثاني بنور سائر الكواكب، وفيه تنبيه على أن كمال العلم ليس للعالم من ذاته، بل تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كنور القمر؛ فإنه مستفاد من نور الشمس، ثم المراد بالعالم: من غلب عليه الاشتغال بالعلم تدريسًا وتصنيفًا وكتابةً مع اشتغاله بالأعمال الضرورية، وبالعابد: من غلب عليه العبادة مع اطلاعه على العلم الضروري، وأما غيرهما .. فبمعزل عن الفضل.

(إن العلماء) العاملين بعلمهم (ورثة الأنبياء)، وإنما لَمْ يقل: ورثة الرسل؛ ليشمل الكل، قاله ابن الملك؛ (إن الأنبياء لَمْ يورثوا) - بالتشديد - من التوريث (دينارًا ولا درهمًا) أي: شيئًا من الد نيا، وخُصَّا؛ لأنهما أغلب أنواعها؛ وذلك إشارة إلى زوال الدنيا، وأنهم لَمْ يأخذوا منها إلَّا بقدر ضرورتهم، فلم يورثوا شيئًا منها؛ لئلا يتوهم أنهم كانوا يطلبون شيئًا منها يورث منهم، (إنما ورثوا) - بالتشديد أيضًا - أي: ! نما ورثوا أممهم (العلم) والدين.

(فمن أخذه) أي: أخذ العلم ووفق به .. (أخذ) من وراثتهم (بحظ وافر) أي: أخذ حظًا وافرًا ونصيبًا كاملًا تامًا؛ أي: لا حظ أوفر منه، والباء زائدة للتأكيد، أو المراد: أخذه متلبسًا بحظ وافر من ميراث النبوة، ويجوز أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>