للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإِنِ اعْتُرِفَتْ، وَإِلَّا .. فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ".

===

(وسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: سأله ذلك الرجل الأول (عن اللقطة) أي: عن حكمها من أخذها أو تركها؛ والمراد بها هنا: غير الحيوان من النقود والجواهر وغيرها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل: (اعرف) أولًا (عفاصها) أي: وعاءها جلدًا كان أو خرقةً أو غير ذلك (ووكاءها) أي: خيطها، الذي شد به رأس الكيس والجراب والقربة ونحو ذلك؛ أي: اعرف عفاصها ووكاءها؛ لتعلم صدق واصفها من كذبه، ولئلا تختلط بماله فتشتبه به (وعرفها سنة) كاملة بالتكرير وقتًا بعد وقت، وبهذا استدل جمهور الفقهاء على أن مدة تعريف اللقطة سنة (فإن اعترفت) تلك اللقطة؛ أي: عرفها صاحبها فأدها إليه (وإلا .. فاخلطها بمالك) وتملكها.

قال السندي: قوله: " فإن اعترفت" بالبناء للمفعول؛ أي: عرفها صاحبها بتلك العلامات .. دفعها إليه، وإلا .. فليَمْلِكْهَا، وإنما حَذفَ ذِكْر الدفع؛ إشارةً إلى أنه المتعين، ففي الحذف زيادة تأكيد لإيجابِ الدفع عند بيان العلامة، وهو مذهب مالك وأحمد، وعند أبي حنيفة والشافعي يجوز الدفع على الوصف ولا يجب؛ لأن صاحبها مدع، فيحتاج في الوجوب إلى البينة؛ لعموم حديث: "البينة على المدعي"، فيحمل الأمر بالدفع في الحديث على الإباحة جمعًا بين الأحاديث.

وأشار الحافظ ابن حجر إلى ترجيح مذهب مالك وأحمد، فقال: يُخصُّ الملتقط من عموم البينة ما جعله الشارع بينةً لا الشهود فقط، وقد جعل الشارع البينة في اللقطة الوصف، فإذا وصف .. فقد أقام البينة، فيجب قبولها، وأي

<<  <  ج: ص:  >  >>