للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

(أفقه) أي: أكثر فقهًا وفهمًا وأحسن أدبًا (منه) أي: من الرجل الأول؛ لأنه التزم بأدب الكلام مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث استأذنه، ولم يكن في كلامه من الجفوة ما كان في كلام الأول، ودلت هذه الكلمة على أن الفقه ليس مجرد علم بالمسائل الفقهية، وإنما هو أدب وخلق ووضع كلّ شيء في محله المناسب عمليًّا.

ويحتمل أيضًا أن يكون الراوي عارفًا بهما قبل أن يتحاكما، فوصف الثاني بأنه أفقه من الأول إما مطلقًا، وإما في هذه القصة الخاصة، قاله ابن سيد الناس في "شرح الترمذي" كما في "فتح الباري".

قال القرطبي: إنما فضل الراوي الثاني على الأول؛ لأن هذه الجملة مدرجة من كلام الراوي؛ أي: وإنما فضله عليه بالفقه؛ لأن الثاني ترفق ولم يستعجل، ثم تلطف بالاستئذان في القول، بخلاف الأول؛ فإنه استعجل، وأقسم على النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كان يفعله بغير يمين، ولم يستأذن، وهذا كله من جفاء الأعراب، فكان للثاني عليه مزية في الفهم والفقه، ويحتمل أن يكون ذلك؛ لأن الثاني وصف القضية بكمالها، وأجاد سياقها؛ حيث قال: نعم (اقض بيننا) ومن هنا رجعنا إلى لفظ ابن ماجة؛ أي: (اقض بيننا) يا رسول الله (بكتاب الله) تعالى وحكمه، والجملة الجوابية مقول قال، وما قبلها معترض مدرج من كلام الراوي؛ كما مر آنفًا، وفي رواية مسلم: الجمع بين نعم وما نابت عنه.

(و) لكن (ائذن لي يا رسول الله) في الكلام (حتى أقول) وأذكر لك ما جرى بيني وبين خصمي (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل) ما شئت من حاجتك؛ فقد أذنت لك، فـ (قال) هذا الرجل الثاني؛ كما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>