ظاهر سياق الكلام، خلافًا للكرماني، ولكن رد عليه الحافظ في "الفتح"(١٣/ ١٣٩) بما وقع في كتاب الشروط من "صحيح البخاري" عن عاصم بن علي عن ابن أبي ذئب بلفظ: (فقال: صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله، إن ابني هذا ... ) إلى آخره؛ فإنه كالصريح في أن المتكلم هو الثاني لا الرجل الأول.
أي: فقال هذا الخصم الثاني: (إن ابني) ووقع في رواية عند البخاري في المحاربين: (إن ابني هذا) فهذا مما يدلُّ على أن ذلك الابن كان حاضرًا عند هذا الكلام (كان عسيفًا) أي: أجيرًا، وجمعه عسفاء؛ كاجير وأجراء، وفقيه وفقهاء (على هذا) إشارة إلى خصم المتكلم؛ وهو زوج المرأة المزنية لابنه، وكان الرجل الأول استخدمه فيما تحتاج إليه امرأته من الأمور، فكان ذلك سببًا لما وقع له معها، فعلى هنا بمعنى عند؛ أي: عند هذا الرجل الأول.
ووقع في رواية عمرو بن شعيب عند النسائي في "الكبرى": (كان ابني أجيرًا لامرأته) وهو يعني معنى العسيف يطلق على الأجير وعلى الخادم وعلى العبد وعلى السائل وعلى من يستهان به، وسمي الأجير عسيفًا؛ لأن المستأجر يعسفه في العمل، والعسف: الجور.
(وإنه) أي: وإن ابني (زنى بامرأته) أي: بزوجته، ولم يكن هذا من الأب قذفًا لابنه ولا للمرأة؛ لاعترافهما بالزنا على أنفسهما. انتهى من "المفهم".
وإنما وقع له ذلك الزنا؛ لطول الملازمة المقتضية لمزيد التأنيس والإدلال، فيستفاد منه: الحث على إبعاد الأجنبي من الأجنبية مهما أمكن؛ لأن العشرة قد تفضي إلى الفساد، ويثور بها الشيطان إلى الفساد.