أبي رجاء عند البخاري، وفيها:(هذه نعَمٌ لنا تَخْرُج فاخرجوا فيها)، وروايةُ أيوب في الوضوء:(فأمرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بلِقاحٍ)، ورواية وُهيب في المحاربين:(إلَّا أن يَلْحَقُوا بإبلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وظاهرُ هذه الروايات: أنَّ اللقَاح كانت للنبي صلى الله عليه وسلم، فجَمَع بينهما الحافظُ في "الفتح"(١/ ٣٣٨) بأن إبلَ الصدقة كانت تَرْعَى خارجَ المدينة، وصادَفَ بَعْثُ النبي صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى طلبَ هؤلاءِ النفرِ الخروجَ إلى الصحراء؛ لشربِ ألبانِ الإبل، فأمرهم أَن يَخْرجُوا مع راعيه، فخرَجوا معه إلى الإبل، ففعلوا ما فعلوا؛ مِن قتلِ رِعَاء إبل الصدقة، وقتلِ راعي لِقاح النبي صلى الله عليه وسلم، وسوقِ إبل الصدقة ولقاحِ النبي صلى الله عليه وسلم.
ويجمع أيضًا بينَ روايةِ:(فقتَلُوا الرعَاءَ) بالجمعِ، وبين رواية:(فقتلوا الراعِيَ) بالإفراد: بأنَّ المراد بالرِعاء: رِعاءُ إبلِ الصدقة، وبالراعي: راعي لقاح النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو يسار النوبي؛ كما مر، فلا معارضة؛ لأنهم قتلُوا وساقوا الكلَّ. انتهى بزيادة.
ويحتمل أن تكون إبل الصدقة نسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم من جهة كونه صلى الله عليه وسلم متوليًا لها.
ودل الحديث على جواز انتفاع مستحق الزكاة من إبل الصدقة بشرب لبنها؛ لأن العرنيين كانوا أبناء السبيل، ولهذا أخرجه البخاري في الزكاة، وترجم عليه:(بابُ استعمال أبوال إبل الصدقة وألْبانِها لأبناءِ السبيل).
قوله:"فشربتم من ألبانها وأبوالها" أما شرب لبن إبل الصدقة .. فلِمَا ذكَرْنا مِن أنهم كانوا أبناءَ السبيل، وأما شرب لبن لِقاح النبي صلى الله عليه وسلم ..