فَلِتَحقُّقِ الإذنِ منه صلى الله عليه وسلم، وأما شرب أبوال الإبل .. ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: مسألةُ بول ما يؤكل لحمه.
استدل مالك رحمه الله تعالى بهذا الحديث على طهارة بول ما يؤكل لحمه، أمَّا بول الإبل .. فاستدلُّوا على طهارته بهذا الحديث، وأما بول غيرِها مما يؤكل لحمهُ .. فبالقياس عليه، وهو قولُ أحمد بن حنبل، ومحمد بن الحسن من الحنفية، والإِصْطَخْرِي والرُّويانِي من الشافعية، وبه قال الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابنُ سيرين والحكَمُ والثوريُّ.
وقال أبو داوود ابن علية: بول كلّ حيوان وإن كان لا يؤكل لحمه طاهر إلَّا بول الآدمي.
وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو يوسف وأبو ثور وجَمْعٌ كثير من العلماء: الأبوالُ كلُّها نجسة إلَّا ما عُفِي عنه من القدر القليل، وهذه المذاهب مأخوذة من "عمدة القاري"(١/ ٩١٩).
وأجاب الحنفيةُ والشافعية عن قصة العرنيين بأجوبة:
الأول منها: أنَّ شربهم للأبوال كان على سبيلِ التداوي للضرورة؛ كما أُجِيزَ لبس الحرير في الحرب أو للحكة، وقد أصيبوا بمرض الاستسقاء، ولأبوال الإبل تأثير في ذلك؛ فإنها كانت تَرْعَى الشيحَ والقَيصُوم، والإبلُ التي ترعى ذلك تنفعُ ألبانها وأبوالُها في بعض أنواع الاستسقاء، وقد أخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(١/ ٦٥) عن ابن عباس مرفوعًا: إن في أبوال الإبل وألبانها شِفاءً لِذَرَبَةِ بطونهم.
والثاني: أن قصة العرنيين متقدمةٌ نَسخ حكْمَها أحاديث دالة على نجاسة الأبوال، والنسخ وإن كان لا يَثبت بِمُجَرَّدِ الاحتمالِ عند عدم عِلْمِ التاريخ،