يمضي عليه زمن وإن قل في حال من الأحوال إلا في هذه الحال؛ وهي أن تكون وصيته مكتوبة عنده؛ لأنه لا يدري متى يدركه الموت ويحله الحمام؛ فقد يفجأه وهو على غير وصية، ولا ينبغي لمؤمن أن يغفل عن ذكر الموت والاستعداد له.
قال في "المبارق": ذهب بعض العلماء إلى وجوبها؛ لظاهر هذا الحديث، والجمهور على استحبابها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعلها حقًّا للمسلم لا عليه، ولو وجبت .. لكانت عليه لا له، وهو خلاف ما يدل عليه اللفظ، قيل: هذا في الوصية المتبرع بها، وأما الوصية بقضاء الدين ورد الودائع والأمانات .. فواجبة عليه.
واعلم: أن ظاهر الحديث مشعر بأن مجرد الكتابة بلا إشهاد عليها كاف، وليس كذلك، بل لا بد من الشاهدين عند عامة العلماء؛ لأن حق الغير تعلق به، فلا بد لإزالته من حجة شرعية، ولا يكفي أن يشهدهما على ما في الكتاب من غير أن يطلعا عليه. إلى هنا انتهى كلامه.
وقوله:"شيء يوصي فيه" عام في الأموال والبنين الصغار والحقوق التي له وعليه كلها؛ من ديون وكفارات وزكوات فرط فيها، فإذا أوصى بذلك .. أخرجت من رأس المال، والكفارات والزكوات من ثلثه، على تفصيل يعرف في الفقه. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"وصية الرجل مكتوبة عنده"، ومسلم في كتاب الوصايا والترمذي في كتاب الجنازة، باب ما جاء في الحث على الوصية، قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، والدارمي في كتاب الوصايا، باب من استحب الوصية، ومالك في "الموطأ" في كتاب الوصايا، باب الأمر بالوصية.