قوله:(وكان عقيل وطالب كافرين) أما عقيل .. فأسلم أخيرًا، قال في "الإصابة": تأخر إسلامه إلى عام الفتح، وقيل: أسلم بعد الحديبية، وكان أسر يوم بدر، ففداه عمه العباس بن عبد المطلب، مات بالمدينة قبل وقعة الحرة، وأما طالب .. فقد ذكر أنه فقد يوم بدر؛ كما مر آنفًا. انتهى من بعض هوامش "مسلم".
قال الحافظ: ومحصل هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر .. استولى عقيل وطالب على الدور كلها باعتبار ما ورثاه من أبيهما؛ لكونهما كانا لم يسلما باعتبار ترك النبي صلى الله عليه وسلم لحقه منها بالهجرة، وفقد طالب ببدر، فباع عقيل الدور كلها. انتهى.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"وهل ترك لنا عقيل من دار؟ ! " فيه دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه؛ أن مكة فتحت صلحًا، وأن دورها مملوكة لأهلها، لها حكم سائر البلدان في ذلك، فتورث عنهم ويجوز لهم بيعها ورهنها وإجارتها وهبتها والوصية بها، وسائر التصرفات.
وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وآخرون: فتحت عنوة، فلا يجوز شيء من هذه التصرفات.
وفيه أن المسلم لا يرث الكافر، وهذا مذهب العلماء كافة، إلا ما روي عن إسحاق بن راهويه وبعض السلف أن المسلم يرث الكافر، وأجمعوا على أن الكافر لا يرث المسلم.
واختلف في تقرير النبي صلى الله عليه وسلم عقيلًا على ما يخصه هو: فقيل: ترك له ذلك تفضلًا عليه، وقيل: استمالةً له وتأليفًا، وقيل: تصحيحًا لتصرفات الجاهلية؛ كما تصحح أنكحتها.