وقوله:"الخيل ... " إلى آخره، لفظ عام؛ والمراد به: المخصوص؛ لأنه لم يرد به إلا بعض الخيل؛ وهو المعد للجهاد عليه؛ بدليل قوله:"الخيل ثلاثة" فيما بعد.
وفي بعض الهوامش: قوله: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" يعني: أن الخير ملازم لها؛ كأنه معقود فيها؛ كما في "النهاية"(إلى يوم القيامة) أي: إلى قربه، وفي رواية زيادة:(الأجر والمغنم) وهما تفسيران للخير؛ كما مر، وكما في "المشكاة"، وفي حديث أنس:(البركة في نواصي الخيل) أي: كثرة الخير في ذواتها، وقد يكنى بالناصية عن الذات، يقال:(فلان مبارك الناصية) أي: مبارك الذات، فهو مجاز مرسل؛ من التعبير بالجزء عن الكل، علاقته الكلية والجزئية، قال ابن الملك: إنما جعلت البركة في نواصيها؛ لأن بها يحصل الجهاد الذي فيه خير الدنيا وخير الآخرة، وأما قوله في الحديث الآخر:(الشؤم يكون في الفرس) .. فمحمول على ما لم يكن معدًا للجهاد.
وفي قوله:"إلى يوم القيامة" دليل على أن الجهاد قائم مستمر إلى ذلك الوقت؛ والمراد: قبيل القيامة بيسير؛ أي: حتى تأتي الريح الطيبة من قبل اليمن، تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة؛ كما ثبت في الصحيح.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الخيل) أي: جنسها من حيث هو هو (ثلاثة) أقسام، والفاء في قوله:(فهي) للإفصاح؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفت أن جنسها ثلاثة، وأردت بيان تلك الثلاثة .. فأقول لك: أحدها: خيل (لرجل أجر) أي: ذات أجر وثواب (و) ثانيها: خيل (لرجل ستر) أي: ذات ستر وحجاب عن مسألة الناس