ورويناه بالباء؛ فعلى الباء: بايع بمعنى ساوم؛ كما جاء في الرواية الأخرى:(ساوم) مكان بايع، فتكون الباء بمعنى عن؛ كما قال الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب
أي: عن النساء.
وعلى إسقاطها: يكون معنى بايع: باع، فيتعدى بنفسه، وسلعة مفعول به.
وقوله:"فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا" يعني: أنه كذب، فزاد في الثمن الذي به اشتري، فكذب واستخف باسم الله تعالى حتى حلف به على الكذب، وأخذ مال غيره ظلمًا، فقد جمع بين كبائر، فاستحق هذا الوعيد الشديد، وتخصيصه بما بعد العصر يدلُّ على أن لهذا الوقت من الفضل والحرمة ما ليس لغيره من ساعات اليوم.
وقال أيضًا: ويظهر لي أن يقال: إنما كان ذلك؛ لأنه عقب الصلاة الوسطى؛ كما يأتي النص عليه، ولما كانت هذه الصلاة لها من الفضل وعظيم القدر أكثر مما لغيرها .. كان ينبغي لمصليها أن يظهر عليه عقبها من التحفظ على دينه، والتحرز على إيمانه أكثر مما ينبغي له عقب غيرها؛ لأن الصلاة حقها أن تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ كما قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}(١)؛ أي: تحمل على الامتناع عن ذلك مما يحدث في قلب المصلي بسببها؛ من النور والانشراح والخوف من الله تعالى والحياء منه، ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"من لَمْ تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر .. لَمْ يزد من الله إلَّا بعدًا" رواه الطبراني في "الكبير" من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.