للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي "البحر": أنَّ ضابطَه لُبْسُ كُلِّ شيءٍ معمولٍ على قدرِ البَدَنِ أو بعضِه؛ بحيث يُحيط به خياطةً، أو بِتَلْزيقِ بعضهِ ببعض، أو عَقْدِ خيوطِه بعضِها ببعض؛ كالطاقية والشراريب، ويستمسك عليه بنفس لبسه، فخُصوصُ الخياطةِ غيرُ معتبر، بل لا فرق بين المخيطِ والمنسوجِ؛ كالدروع، والمعقودِ؛ كالشراريب، والمُلزقِ بَعْضُه ببعضٍ؛ كاللبد قطنًا كان أو صوفًا أو شعرًا أو كتانًا أو جلدًا أو حشيشًا منسوجًا أو غير ذلك. انتهى.

قال النووي: قال العلماء: وهذا الجواب الذي أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم السائل من بديع الكلام وبليغه؛ لأن ما لا يلبس منحصر، فحصل التصريح به في الجواب، وأما الملبوس الجائز .. فغير منحصر، فقال: لا تلبسوا كذا وكذا، وتلبسون ما سواه؛ إذ الأصل الإباحة، ولو عدد له ما يلبس .. لطال به الكلام، بل كان لا يؤمن أن يتمسك بعض السامعين بمفهومه، فيظن اختصاصه بالمحرم، وأيضًا أن المقصود من السؤال: بيان ما يحرم لبسه، لا بيان ما يحل له لبسه؛ لأنه لا يجب له لباس مخصوص، بل عليه أن يتجنب شيئًا مخصوصًا، وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس؛ لأنه الحكم العارض في الإحرام المحتاج لبيانه، فالجواز ثابت بالأصل معلوم بالاستصحاب، فكان الأليق السؤال عما لا يلبس.

وقال غيره: وهذا يشبه الأسلوب الحكيم المعلوم عند البلغاء، ويقرب منه قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ} الآية (١)، فعدل في الجواب عن بيان جنس المنفق؛ وهو المسؤول عنه، إلى ذكر المنفق عليه؛ لأنه أهم.

قال الدهلوي: والفرق بين المخيط وما في معناه حيث حرم عليه، وبين


(١) سورة البقرة: (٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>