للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ،

===

بهمزة الاستفهام الاستخباري، وبفتح النون وضمها لغتان مشهورتان، والفتح أفصح، والفاء مكسورة فيهما، وأما النفاس الذي هو بمعنى الولادة .. فيقال: نفست بالضم لا غير؛ أي: هل حضت؟

وفي رواية مسلم زيادة: (يعني الحيضة) أي: يعني النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أنفست": أحضت الحيضة؟ قالت: (قلت) في جواب سؤاله: (نعم) حضت يا رسول الله؛ فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا) الدم (أمر) أي: شيء؛ كما في رواية مسلم (كتبه الله) سبحانه وتعالى؛ أي: قضاه وقدره (على بنات آدم) فلا تتأسفي به.

قال القاري: وهذا تسلية لها، وتخفيف لهمها؛ فإن البلية إذا عمت هانت، وقال النووي: معناه أنك لست مختصةً به، بل كل بنات بني آدم يكون منهن هذا؛ كما يكون منهن ومن الرجال البول والغائط وغيرهما، قال الدهلوي: مهد الكلام بأنه شيء يكثر وقوعه، فمثل هذا الشيء يجب في حكمة الشرائع أن يدفع الحرج، وأن يسن له سنةً ظاهرة، فلذلك سقط عنها - أي: عن الحائض - طواف القدوم والوداع، واستدل البخاري في "صحيحه" في كتاب الحيض بعموم هذا الحديث على أن الحيض كان في جميع بنات آدم، وأنكر به على من قال: إن الحيض أول ما أرسل ووقع في بني إسرائيل، وكأنه يشير إلى ما أخرجه عن ابن مسعود بإسناد صحيح قال: "كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض، ومنعهن المساجد"، وعنده عن عائشة نحوه.

قال الداوودي: ليس بينهما مخالفة؛ فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا؛ فقوله: "بنات آدم" عام أريد به الخصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>