واختلفوا فيمن أهل بحجتين: فقال الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا يلزمه إلا حجة واحدة، ومِن حُجَّتِهم في ذلك أنَّ المضي فيها لا يلزم، وأن فعلَه لم يصح بالإجماع.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: يرفض أحدهما إلى قابل؛ لأنه يكون في معنى الفسخ، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن فسخ الحج كان لهم خاصًّا دون من بعدهم، وقال سفيان الثوري: يلزمه حجة وعمرة من عامه ويهريق دمًا، ويحج من قابل.
وحكي عن مالك أنه قال: يصير قارنًا وعليه دم، ولا يلزمه على مذهب الشافعي شيء من عمرة ولا دم ولا قضاء من قابل. انتهى كلام الخطابي.
وقال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن حديث بلال بن الحارث المزني في فسخ الحج، فقال: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف، ولم يروه إلا الدراوردي وحده.
وقال عبد الحق: هو الصحيح في حديث بلال بن الحارث، وأما حديث أبي ذر الآتي .. فهو غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن القطان: فيه الحارث بن بلال عن أبيه بلال بن الحارث، والحارث بن بلال لا يعرف حاله، فالحديث ضعيف؛ لضعف سنده.
قلت: قال المنذري: حديث بلال أخرجه النسائي وابن ماجه، قال الدارقطني: تفرد به ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث عن أبيه، وتفرد به عبد العزيز الدراوردي عنه. هذا آخر كلامه.
وقال ابن القيم في "زاد المعاد": نحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو غلط عليه، قال: ثم