"لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" من وجهين:
أحدهما: أن نفي القبول قد يكون لفوات الشرط وعدمه، وقد يكون لمقارنة محرم يمنع من القبول؛ كالإباق، والنشوز، وتصديق العراف، وشرب الخمر، وتطيب المرأة إذا خرجت للصلاة، ونحوه.
والثاني: أن عدم الافتتاح بالمفتاح يقتضي أنه لم يحصل له الدخول فيها، وأنه مصدود عنها؛ كالبيت المقفل على من أراد دخوله بغير مفتاح.
وأما عدم القبول. . فمعناه: عدم الاعتداد بها، وأنه لم يترتب عليها أثرها المطلوب منها، بل هي مردودة عليه، وهذا قد يحصل لعدم ثوابه عليها ورضا الرب عنه بها وإن كان لا يعاقبه عليها عقوبة تاركها جملة، بل عقوبة ترك ثوابه وفوات الرضا لها بعد دخوله فيها، بخلاف من لم يفتحها أصلًا بمفتاحها؛ فإن عقوبته عليها عقوبة تاركها، وهذا واضح. انتهى من "شرحه على أبي داوود".
فإن قيل: فهل في هذا الحديث حجة لمن قال: إن عادم الطهورين لا يصلي حتى يقدر على أحدهما؛ لأن صلاته غير مفتتحة بمفتاحها؟
قيل: قد استدل به من يرى ذلك، ولا حجة فيه.
ولا بد من تمهيد قاعدة يتبين بها مقصود الحديث؛ وهي: أن ما أوجبه الله تعالى ورسوله، أو جعله شرطًا للعبادة أو ركنأ فيها، أو وقف صحتها عليه. . هو مقيد بحال القدرة؛ لأنها الحال التي يؤمر فيها به، وأما في حال العجز. . فغير مقدور عليه ولا مأمور، فلا تتوقف صحة العبادة عليه؛ وهذا كوجوب القيام والقراءة والركوع والسجود عند القدرة، وسقوط ذلك بالعجز، وكاشتراط ستر العورة واستقبال القبلة عند القدرة، ويسقط بالعجز، وقد قال صلى الله عليه