للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِه، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِه، أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ

===

وإنما شبهها في الحرمة بهذه الأشياء؛ لأنهم كانوا لا يرون استباحة تلك الأشياء وانتهاك حرمتها بحال.

قوله: (ألا) للتنبيه (لا يجني جان إلا على نفسه) قال في "النهاية": الجناية: الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة؛ والمعنى: أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جناية .. لا يعاقب بها الآخر؛ كقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (١). انتهى.

(ولا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده) يحتمل أن يكون المراد: النهي عن الجناية؛ لاختصاصها بمزيد قبح، وأن يكون المراد تأكيد قوله: "لا يجني جان إلا على نفسه" فإن عادتهم جرت بأنهم يأخذون أقارب الشخص بجنايته.

والحاصل: أن هذا ظلم يؤدي إلى ظلم آخر، والأظهر أن هذا نفي، فيوافق قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وإنما خص الولد والوالد؛ لأنهما أقرب الأقارب، فإذا لم يؤاخذ بفعله .. فغيرهما أولى، وفي رواية: "لا يؤاخذ الرجل بجريمة أبيه" وضبط بالوجهين.

(ألا إن الشيطان) وهو إبليس الرئيس، أو الجنس الخسيس (قد أيس) أي: قنط من (أن يعبد) قال القاري: أي: من أن يطاع في عبادة غير الله تعالى؛ لأنه لم يُعْرَف أنه عبده أحد من الكفار. انتهى، وقيل معناه: إن


(١) سورة الأنعام: (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>