ويقال: إن لأصل ذكرِ الضب فرعين، ولهذا يقال له: ذكران، إلى آخر ما قدمنا في أول الباب فراجعه، كذا في "الفتح".
وفي رواية ابن ماجه اختصار وحذف، ولفظ مسلم عن عبد الله بن دينار:(قال سمعت ابن عمر يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضب) أي: سئل عن حكم الضب؛ هل هو من الحلال أو من الحرام أكله؟
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) في جواب السائل: (لست) أنا (بآكله) أي: بآكل لحم الضب؛ لأنه ليس من طعام قومي، ولست متمرنًا على أكله، ولا متعودًا أكله في صغري، فلذلك أعافه وأكرهه ولا أحبه و (لا أحرمـ) ـه على من أكله؛ لأنه مما استطابته العرب، فدل الحديث على أنه حلال.
ولم أر من ذكر اسم هذا السائل، ولعل هذا السائل هو خزيمة بن جزء، ويدل عليه ما رواه ابن ماجه من حديث خزيمة بن جزء: قلت: يا رسول الله؛ ما تقول في الضب؟ فقال:"لا آكله ولا أحرمه" قال: فقلت: فإني آكل ما لم تحرمه. وسنده ضعيف.
وعند مسلم والنسائي من حديث أبي سعيد: قال رجل: يا رسول الله؛ إني بأرض مضبة، فما تأمرنا؟ قال:"ذكر لي أن أمةً من بني إسرائيل مسخت فلم يأمر ولم ينه"، وفي مسلم:"كلوه؛ فإنه حلال، ولكنه ليس من طعامي".
فكله هذه الروايات صريحة في الإباحة، فيحل أكله بالإجماع، ولا يكره عندنا، خلافًا لبعض أصحاب أبي حنيفة، وحكى القاضي عياض تحريمه عن قوم، قال النووي: ما أظنه يصح عن أحد. انتهى من "القسطلاني".