قوله:"ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران" قال الحافظ في "الفتح": استدل بهذا الحصر على أنهما نبيتان؛ لأن أكمل الإنسان الأنبياء ثم الأولياء والصديقون والشهداء، فلو كانتا غير نبيتين .. للزم ألا يكون في النساء ولية ولا صديقة ولا شهيدة، والواقع أن هذه الصفات في كثير منهن موجودة، فكأنه قال: ولم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة، ولو قال: لم تثبت صفة الصديقية أو الولاية أو الشهادة إلا لفلانة وفلانة .. لم يصح، لوجود ذلك في غيرهن إلا أن يكون المراد في الحديث: كمال غير الأنبياء، فلا يتم الدليل على ذلك لأجل ذلك. انتهى.
وقال الكرماني: لا يلزم من لفظ الكمال ثبوت نبوتهما؛ لأنه يطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه، فالمراد ببلوغهما إليه في جميع الفضائل التي للنساء، قال: وقد نقل الإجماع على عدم نبوة النساء، كذا قال.
وقد نقل عن الأشعري: من النساء من نبئ؛ وهن ست: حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية ومريم، والضابط عنده: أن من جاءه الملك عن الله بحكم من أمر أو نهي أو بإعلام مما سيأتي .. فهو نبي، وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك من عند الله عز وجل، ووقع التصريح بالإيحاء لبعضهم في القرآن.
وذكر ابن حزم في "الملل والنحل" أن هذه المسألة لم يحدث التنازع فيها إلا في عصره بقرطبة، وحكى عنهم أقوالًا ثالثها: الوقف.