ثم قال عمر:(فمن كان) منكم أيها الناس (آكلهما) أي: مريدًا أكل هاتين الشجرتين الخبيثتين حالة كونه (لا بد) ولا غنىً له من أكلهما؛ لشدة احتياجه إليهما .. (فليمتهما) جواب من الشرطية؛ أي: فليزل رائحتهما (طبخًا) لهما؛ أي: بطبخهما في القدر، أو بقليهما على المقلاة، أو من جهة الطبخ.
ففي الحديث إخراج من وجد منه ريح الثوم أو البصل أو الكراث أو الفجل من المسجد، وفيه أيضًا: إزالة المنكر باليد لمن أمكنه، وهذا موضع الترجمة.
قوله:(فمن كان آكلهما) بصيغة اسم الفاعل؛ أي: فمن كان منكم مريدًا أكلهما لحاجته إليهما (فليمتهما) أي: فليمت رائحتهما؛ أي: فليزلها طبخًا؛ أي: فليزل ويذهب رائحتهما (طبخًا) أي: بالطبخ؛ لئلا يؤذي الناس بها.
وإماتة كل شيء: كسر قوته وحدته، ومنه قول بعضهم: قتلت الخمر؛ إذا مزجها بالماء وكسر حدتها.
وهذا يدل على أن النهي إنما هو في النيء دون المطبوخ.
قيل: أول نتنهما على بني إسرائيل حين طلبوهما في أرض التيه عقوبةً لهم. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتابِ المساجد، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا من قربان المساجد، والنسائي في كتاب المساجد، باب من يخرج من المسجد، وأخرجه المؤلف أيضًا في كتاب إقامة الصلاة، باب من أكل الثوم .. فلا يقربن المسجد.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.