نفسه؛ فإنه لا يسقطه عنه ولا يتركه، بل يعاقبه عليه في الآخرة إلا أن استعفاه في الدنيا قبل موته.
عبر عن الاغتياب بالاقتراض؛ لأنه يسترد منه ويستوفي جزائه في الآخرة؛ كما يستوفي المقرضُ في الدنيا بدلَ قرضه من المقترض.
(فذاك) الذي اقترض وأكل من لحم أخيه في المحادثة هو (الذي حرج) - بوزن فَرِحَ - أي: ارتكب الحرج والذنب فيؤاخذ باغتيابه ويعاقب عليه في الآخرة إن لم يستعفه في الدينا ولم يستحله (فقالوا) أي: قال أولئك الأعراب: (يا رسول الله؛ هل علينا جناح) وذنب (ألا نتداوى؟ )، ولفظة (لا) في قوله (ألَّا): زائدة؛ أي: هل علينا ذنب في مداوتنا من المرض؟ لأن زيادتها هو الذي يقتضيه المقام؛ لأن سؤالهم عن الذنب في فعل شيء لا في تركه؛ لأنه من المعلوم أن المباح ليس في تركه حرج؛ لأنه هو الذي يقتضيه جوابه لهم بما سيذكر بعد، فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تداووا) وتعالجوا من أمراضكم يا (عباد الله؛ فإن الله سبحانه) وتعالى (لم يضع) أي: لم ينزل في الأرض (داء) أي: مرضًا (إلا وضع) وأنزل (معه) أي: مع ذلك الداء (شفاء) أي: ما هو شفاء ودواء له (إلا الهرم) والخرف؛ وهو بلوغ العبد نهاية سن الكبر حتى اختل عقله، واختلط كلامه، فلا يميز بين الليل والنهار.
و(قالوا) أيضًا في سؤاله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ ما خير) وأفضل (ما أعطي) ورزق (العبد) من فضله وإحسانه تعالى (قال)