رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم هذا: خير ما أعطي العبد من ربه (خلق حسن) يعامل به مع الله تعالى معاملةً حسنةً؛ بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، ومع خلقه؛ بحسن المعاشرة معهم؛ بأن يوقر الكبير ويرحم الصغير، ويكافئ محسنهم، ويصفح عن مسيئهم.
قوله:(فقالوا: يا رسول الله؛ هل علينا جناح ألا نتداوى؟ ) ويدل على أن (لا) زائدة كما قلنا آنفًا في حلنا رواية أبي داوود: (فقالوا: يا رسول الله؛ أنتداوى؟ ) بلا ذكر (لا) النافية مع ذكر همزة الاستفهام.
ورواية الترمذي:(يا رسول الله؛ ألا نتداوى؟ ) بـ (ألا) الاستفتاحية؛ أي: أنطلب الدواء والعلاج لمرضنا ودائنا إذا عرض لنا الداء؟
(قال:"تداووا") أي: تعالجوا من أمراضكم، فيه إثبات الطب والعلاج، وأن التداوي مباح غير مكروه؛ كما قاله بعض الناس.
قال في "فتح الودود": الظاهر أن الأمر للإباحة والرخصة، وهو الذي يقتضيه المقام؛ فإن السؤال كان عن الإباحة قطعًا، فالمتبادر من جوابه أنه بيان للإباحة، ويفهم من كلام بعضهم أن الأمر للندب، وهو بعيد؛ فقد ورد مدح من ترك الدواء والاسترقاء توكلًا على الله تعالى.
نعم؛ قد تداوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانًا للجواز، فمن نوى موافقته صلى الله عليه وسلم .. يؤجر على ذلك. انتهى منه.
قوله:(إن الله لم يضع) أي: لم يخلق (داء) أي: مرضًا وجمعه أدواء .. (إلا وضع) وخلق (له) أي: لذلك الداء (شفاء) أي: دواءً شافيًا بجري العادة الإلهيةَ (إلا الهرم) - بفتحتين - وهو كبر السن، يقال: هرم؛ من باب طرب يهرم - بالفتح - إذا كبر سنه، وعدَّهُ من الأسقام وإن لم يكن منها؛ لأنه من أسباب