"وليس للوكيل في الخصومة إقرار على موكله مطلقًا نَصًّا، كإقراره عليه بقود وقذف، وكالولي"، وأَمَّا شهادة المدعو ... فإنَّه يشهد لنفسه بالحوالة التي استلمها من المدعي (١)، فهو بذلك يجرُّ لنفسه نفعًا بهذه الشهادة، ويدفع عنها ضررًا؛ إذ إنَّ الشاهد المذكور لو أنكر استلامه للحوالة من المدعي لاستطاع المحال عليه -وهو المدعي حالًا- مخاصمة الشاهد المذكور واستحلافه عند الإنكار، وتكليفه بالتسليم عند النكول، والحوالة لم تثبت ببينة، وإنَّما تصادق المحال -وهو الشاهد المذكور- والمحال عليه -وهو المدعي -عليها مع إنكار المحيل -وهو المدعى عليه- فشهادة الشاهد المذكور لا تعدو أَنْ تكون إقرارًا باستلام الحوالة لا شهادة، ولا يخفى بأَنَّ الإقرار حجة قاصرة على المقرّ فقط، ولا يتعداه إلى غيره، ثم إنَّه لم يرد في كلام الشاهد المذكور بيان مقدار الأمتار المباعة، ولا ثمن المتر، وهذه جهالة في الشهادة، والمجهول ينزل منزلة المعدوم كما ذكره ابن رجب في قواعده [القاعدة ١٠٦]، وذكره ابن تَيْمِيَّة في مجموع الفتاوى [٢٩/ ٢٦٢، ٣٣٢]، كما أنَّ شهادة الشاهد المذكور في حقيقتها ادّعاء الحوالة لنفسه، ولم يثبت هذا الادعاء، وأَمَّا شهادة المدعو ... فإنَّها غير مقبولة؛ لأنَّه شهد لنفسه وللمدعي، وشهادته لنفسه مردودة، فكذلك شهادته للمدعي، جاء في الكافي لابن قدامة
(١) فقد شهد بأن المدعى عليه قد أحاله على المدعي بمال هو ثمن الأرض مثار النزاع.