إنَّ الغرض من الأحكام الكلية هو تنزيلها على أفعال المكلفين (تَوْصِيف أفعال المكلفين بها) لا لتبقى مفترضة في الأذهان.
والواقعة القضائية والحكم الكلي الفقهي هما طرفا التَّوْصِيف، أَمَّا عقد واسطته فهي الأوصاف المشتركة بينهما والمؤثرة في الحكم القضائي.
والواقعة القضائية هي التي تحرك الحكم الكلي، وتستدعيه لتوصيفها، فالحكم الكلي الفقهي يبدو ساكنًا؛ لأَنَّه عام مجرد (١)، منزل على الأذهان، فإذا قابلته الواقعة القضائية دَبَّتْ فيه الحياة، وتَحَرَّك من سكونه لملاقاتها، فإذا لاقاها وطابقت أوصافُه أوصافَها امتزج بها، وصارا كالشيء الواحد، فالواقعة القضائية تقابل في صفاتها المؤثرة مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي من السبب والشرط وعدم المانع، والذي يبدو في صفته النهائية في هيئة نَصٍّ فقهيٍّ مهذّب
(١) في عموم الحكم الكلي وتجريده انظر: ما سبق في المبحث الثالث من التمهيد من الباب الأول.