إنَّ على القاضي بعد تهيؤ الواقعة للتَّوْصِيف أَنْ يتخذ قراره بتَوْصِيف الواقعة، ويَعْتَدَّ بما يقرره القاضي من تَوْصِيف للواقعة، ولا يَعْتَدَّ بأيّ تَوْصِيف خالف توصيفه من خصم أَوْ شاهد.
إنَّ الخصم المدعي غالبًا ما يبدي توصيفًا للواقعة، ويتمسك به، وقد يوافقه المدعى عليه أَوْ يعارضه بتَوْصِيف آخر.
ولكن المعتدَّ به ما يقرره القاضي من تَوْصِيف للواقعة لا يعارضه تَوْصِيف الخصوم، بل لا يُعْتَدّ بتَوْصِيف الخصم المخالف لتَوْصِيف القاضي، فعلى القاضي إجراء التَّوْصِيف سواء وافق تَوْصِيف الخصم أَمْ خالفه؛ لأَنَّ الخصم ربما أخطأ في التَّوْصِيف، أَوْ صَرَفَه لصالحه فلا بُدَّ من هيمنة القاضي على ذلك جميعه، ولذا نجد أَنَّ الفقهاء يقولون: إنَّ العبرة بحكم الحاكم ولو خالف اجتهاد الخصم (١)، ويقولون: إنَّ ترتيب الحكم على أسبابه وشروطه عند
(١) البحر الرائق ٧/ ١٦، حاشية ابن عابدين ٤/ ٣٣٤، مواهب الجليل ٦/ ١٣٩، الروضة ١١/ ١٥٣، الهداية لأبي الخطاب ٢/ ١٣٠، شرح المنتهى ٣/ ٥٠١، الفروع ٦/ ٤٩٠.