إنَّ تَوْصِيف الأَقْضِيَة بتحلية الواقعة القضائية بالأوصاف الشرعية المقررة في الحكم الكلي عمل لا بُدَّ منه لكل قاض، فهو من الاجتهاد المأمور به في القضاء، ويَدُلُّ على مشروعيته: السُّنَّة، والإِجماع، والمعنى، والمعقول، وبيان ذلك فيما يلي:
أوَّلًا: السُّنَّة:
١ - عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال:"أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بلحم، فقيل: تُصُدِّق به على بريرة، قال: هو لها صدقة ولنا هدية"(١).
فهنا نجد أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَصَّفَ بذل اللحم لبريرة بأَنَّه صدقة؛ لأَنَّها مستحقة، ولها أخذ الصدقة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل من الصدقات، ومع ذلك همَّ بالأكل منه؛ لأَنَّ بذله من بريرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - هدية، وهو
(١) متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح ٥/ ٢٠٣، ٩/ ٤٠٤)، وهو برقم ٢٥٧٧، ٥٢٧٩، ومسلم (٢/ ٧٥٥)، وهو برقم ١٠٧٤.