التَّوْصِيف لا بُدَّ له من أطراف ثلاثة: الحكم الكلي الفقهي الواضح ذو الصفات المؤثرة المحددة في الشرع نَصًّا أَوْ استنباطًا، وواقعة ثابتة، منقحة، مهذبة، مرتبة، تبدو للناظر وكأَنَّه لم يرد في الواقعة القضائية سواها، وقاضٍ يُجْرِي التَّوْصِيف، ويقرر أَنَّ الواقعة المعروضة عليه قد توفرت فيها الصفات المؤثرة، والتي يبينها الحكم الكلي الفقهي، وبين هذه الأطراف الثلاثة تلازم لا ينفك؛ لأن كل واقعة قضائية لا بُدَّ لها من حكم كلي فقهي، وقاضٍ يجرى التَّوْصِيف ويقرره عند تحققه.
إنَّ علاقة القاضي بالواقعة تبدأ منذ خطواتها الأولى، فهو الذي يتلقى الدعوى والإِجابة ودفوع الطرفين، وينقح الوقائع، ويسعى في التحقق من وجود الوقائع المؤثرة بطرق الحكم، ويحدد الحكم الكلي الفقهي ويفسره، ويقوم بتفسير الوقائع وأدلة الإِثبات،