للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعينة (١)، ثمَّ قال: "وهذا النوع مما اتفق عليه المسلمون بل العقلاء بأَنَّه لا يمكن أَنْ يَنُصَّ الشارع على حكم كل شخص، إنَّما يتكلم بكلام عام" (٢)، فظهر من ذلك أَنَّ إعمال النُّصُوص الشرعية بتنزيلها على الوقائع القضائية لازم في كل واقعة، وأَنَّه مجمع عليه.

ثالثًا: المعنى والمعقول:

إنَّ تَوْصِيف الأَقْضِيَة مما لا يتم الحكم القضائي إلَّا به، وما لا يتم الواجب إلَّا به فهو واجب، فالوقائع يتكرر نزولها، ولا يطابق بعضها بعضًا، بل تختلف عنها قليلًا أَوْ كثيرًا بحكم ما يحف بها عند وقوعها من علل دافعة، أَوْ عوارض مانعة، أَوْ ظرف زماني أَوْ مكاني، فلا يمكن التقليد فيها، فوجب الاجتهاد في تنزيل الأحكام على الوقائع في كل قضية تعرض على القاضي (٣)، يقول الشاطبي (ت: ٧٩٠ هـ): "كل صورة من صور النازلة نازلة مستأنفة في نفسها لم يتقدم لها نظير، وإن تقدم لها في نفس الأمر فلم يتقدم لنا فلا بُدَّ من النظر فيها والاجتهاد، وكذلك إن فرضنا أَنَّه تقدم لنا مثلها فلا بُدَّ من النظر في كونها مثلها أَوْ لا، وهو نظر اجتهاد" (٤).


(١) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٣٢٩.
(٢) المرجع السابق نفسه ٢٢/ ٣٣٠.
(٣) الموافقات ٤/ ٨٩ - ٩٣، مصادر المعرفة ٤٢٩، الثبات والشمول ٢٣٢ - ٢٣٤، المناهج الأصولية ٦، نظرية التعسف ١٩.
(٤) الموافقات ٤/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>