سابع عشر: تقسيمه من جهة تركيب السبب وإفراده وتَعَدُّده:
وينقسم من هذه الجهة ثلاثة أقسام، هي (١):
القسم الأول: السبب المركب.
والمراد به: مجموعة الأوصاف المناسبة في ذاتها للحكم، وذلك مثل: القتل العمد العدوان؛ فإنَّه سبب للقصاص، وهو مركب من ثلاثة أوصاف كلها مناسبة للحكم ومؤثرة فيه، وهي: القتل، والعمد، والعدوان، ولو انخرم أحدها لتخلفت مناسبة السبب في ذاته، ولذلك فإنَّه يفرق بين الأوصاف المؤثرة في الحكم بأَنَّ ما أثر في الحكم لكونه مناسبًا في ذاته فهو سبب، وما أثر في الحكم ولكنه غير مناسب في ذاته للحكم بل في غيره فهو شرط، وذلك مثل: النِّصَاب والحول في الزكاة؛ فقد رتب الشارع وجوبها عقبهما، فيجعل المناسب منهما في ذاته كالنِّصَاب هو السبب، والمناسب منهما في غيره كالحول هو الشرط، يقول القرافي (ت: ٦٨٤ هـ): "إنَّ الشرع إذا رتب الحكم عقيب أوصاف، فإن كانت كلها مناسبة في ذاتها قلنا: الجميع علة، ولا نجعل بعضها شرطًا، كورود القصاص مع القتل العمد العدوان، وأَنَّ المجموع علة وسبب؛ لأَنَّ الجميع مناسب في ذاته، وإن كان البعض مناسبًا في ذاته دون البعض قلنا:
(١) الفروق وتهذيبه ١/ ١٠٩، ١١٠، ١١٩، شرح الكوكب المنير ١/ ٤٥٩، شرح تنقيح الفصول ٨٣، المنثور ١/ ٢٥٢، قواعد الحصني ٢/ ١٠٨.