فيترتب عليهما مسبب واحد (أيْ: حكم واحد)، مع أَنَّ كل واحد منهما يقتضي مسببًا (أيْ: حكمًا) من ذلك النوع لو انفرد.
وذلك كمن زنى مرارًا قبل حدّه فيكفي حدّه مرة واحدة، والجنابة والحيض يكفي فيهما غسل واحد إذا اجتمعا، وأجرة الرضاع والنفقة للزوجة التي في حباله، فالنفقة مغنية عن الأجرة، وكالشرط الجزائي في عقد واحد، كأَنْ يشترط المستأجر على الأجير إذا تأخر في تنفيذ بناء داره بأَنَّ عليه غرامة مالية قدرها كذا في الشهر، وإذا زاد التأخير عن السنة ينضاف إليها مائة ألف ريال، فهذه تتداخل كلها، ويُردُّ تقديرها للعرف وكأَنَّها شرط واحد.
القسم الثاني: الأسباب المستقلة.
والمراد بها: أَنْ يوجد سببان فأكثر ويستقل كل سبب بحكم يخصه سواء اختلفت الأسباب أَمْ تماثلت؛ فالمختلفة مثل أَنْ يزني ويتلف مالًا، فعليه في الزنى الحد، وفي تلف المال ضمانه، والمتماثلة مثل الِإتلافات، فلكل إتلاف ضمانه.
واستقلال الأسباب بأحكامها وعدم تداخلها هو الأكثر، وهو الأصل، فمقتضى القياس أَنَّ لكل سبب حكمًا يخصه، ولا يدخل مع غيره في حكمه، لكن التداخل وقع في صور كثيرة.