المطلب الثالث استئناف النظر في حكم واقعة لتغيّر الأعراف والمصالح لا يُعَدُّ تغييرًا في أصل الخطاب الشرعي
مما سبق يتضح أَنّنا قد نجد في مُدَوَّنَات الفقهاء وكتبهم أحكامًا مبنية على أعراف طارئة، أَوْ مصالح مؤقتة، أَوْ خبرات وتجارب تغيرت، أَوْ أحوال للناس زالت وحَلَّ غيرها محلها، فهنا على الفقيه، والقاضي، والمفتي في مواجهة ذلك اعتبارُ هذه المسائل من النوازل المستجدة، والنظر استئنافًا في تقرير حكمها؛ لأَنَّ تغير الحكم لتغير العرف أَوْ المصلحة ونحو ذلك ليس تغييرًا في أصل الخطاب الشرعي، وإنَّما اختلفت صورة الواقعة فقرر الحكم الفقهي الملاقي لها، فالواقعة غير الواقعة، والحكم غير الحكم، بل المجتهد انتقل من حكم لآخر؛ لأَنَّ أصول الشريعة اقتضت له حكمًا قبل الانتقال، وحكمًا بعد الانتقال، فلا يقال: إنَّ الأحكام تتغيَّر بتغيُّر الزمان، بل باختلاف الصورة الحادثة (١).