إنَّ الاجتهاد ممكن في كل عصر، فلم يقفل بابه، وقد تيسرت أسبابه وموجباته في هذا الزمن مما لم يكن في الزمن الأول؛ فبينت آيات الأحكام ومواضعها وفُسِّرت، وجُمعت السنة وشُرحت، وتيسر معرفة الحكم على الأحاديث وطرق الشواهد والاعتبار، وَدُوِّنَ الفقه وأصول الفقه والعربية، وقُرِّبت هذه العلوم إلى الفهوم، وتيسرت وسائل طباعة الكتاب وانتشاره، وحفظ المعلومات واسترجاعها، ولم يبق إلَّا التشمير لبلوغ هذا المنصب من قبل فريق من الأمة؛ استعدادًا لمواجهة النوازل، وذلك فرض لا يجوز تركه حتى لا يخلو عصر من قائم بالحجة؛ يقول ابن حمدان (ت: ٦٩٥ هـ) - في إمكان وجود المجتهد المطلق-: "ومنذ زمن طويل عُدِم المجتهد المطلق، مع أَنَّه الآن أيسر منه في الزمن الأول؛ لأَنَّ الحديث والفقه قد دُوِّنا، وكذا ما يتعلق بالاجتهاد من الآيات والآثار وأصول الفقه والعربية وغير ذلك، لكن الهمم قاصرة، والرغبات فاترة، ونار الجد