للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الأول: شبهة قوة المدرك عند الخلاف]

فإذا كان الحكم الكلي الموجب للحد مختلفًا فيه، وأدلة الأقوال المختلفة قوية قُدِّم دارئ الحد على موجبه (١)؛ يقول العز بن عبد السلام (ت: ٦٦٠ هـ): "فليس اختلاف العلماء هو الشبهة ... وإنما الشبهة التعارض بين أدلة التحريم والتحليل، فإنَّ الحلال ما قام دليل تحليله، والحرام ما قام دليل تحريمه، وليس أحدهما أولى من الآخر ... وإنما غُلِّب درء الحدود مع تحقق الشبهة؛ لأَنَّ المصلحة العظمى في استيفاء الإنسان لعبادة الديان، والحدودُ أسباب محظرة، فلا تثبت إلَّا عند كمال المفسدة وتمحضها" (٢)، ومثَّل له بالنكاح المختلف فيه، فإنَّه لا يجب فيه الحدّ، بل يدرأ للشبهة، ولذلك فإنَّه إذا كان الخلاف في المسألة بهذه الصفة، أَوْ اختلف في تفسير الحكم الكلي أَوْ الواقعة على مثل هذا الوجه المشار إليه سابقًا كان ذلك موجبًا لترجيح جانب الدرء في الحدود على جانب إقامتها.


= مواضعها في الحاشية، وانظر: الاختيارات ٢٣٩، وموسوعة فقه ابن تيمية ٢/ ٧٠٠.
(١) وفي هذا النوع خلاف، وما أثبتناه هو الراجح [انظر: التعارض والترجيح للبرزنجي ٢/ ٢١٩، ٢٤٨].
(٢) قواعد الأحكام ٢/ ١٦١، وانظر: إرشاد الفحول ١٨٤، والحنابلة يقولون بدرء الحد في هذه الصورة. [انظر: شرح الكوكب المنير ٤/ ٦٨٩، شرح مختصر الروضة ٣/ ٧٠٣]، وانظر بعض الأمثلة لهم في [الروض المربع ٧/ ٣٢٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>